عمدة الحفّاظ في تفسير أشرف الألفاظ - ج ٣

الشيخ أحمد بن يوسف [ السمين الحلبي ]

عمدة الحفّاظ في تفسير أشرف الألفاظ - ج ٣

المؤلف:

الشيخ أحمد بن يوسف [ السمين الحلبي ]


المحقق: الدكتور محمّد التونجي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: عالم الكتب
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٥

صفا وخلص ومنه الحديث الآخر : «أقطع من أرض المدينة ما كان عفاء» (١) ويروى بالكسر.

فصل العين والقاف

ع ق ب :

قوله تعالى : (وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ)(٢) لا متتبع له ولا مكرّا عليه بنقص. والعقب : الذي يكرّ على الشيء ويتبعه لينظر ما فيه من الخلل لينقّصه (٣). ولذلك فسّر بأنه لا يحكم بعد حكمه حاكم ؛ مأخوذ من العقب ، فإنّ من تتبّع شيئا يكون وراء عقبه. وقيل : معناه : لا أحد يتعقّبه ويبحث عن فعله ، من قولهم : عقّب الحاكم على حكم من قبله : إذا تتبّعه. قيل ويجوز أن يكون ذلك نهيا للناس أن يخوضوا في البحث عن حكمه وحكمته إذا خفيا عليهم ، ويكون ذلك من نحو النهي عن الخوض في سرّ القدر. وأصل ذلك من العقب ، وهو مؤخّر الرّجل. وقال الأصمعيّ : العقب ما أصاب الأرض من مؤخّر الرّجل إلى موضع الشّراك. وفي الحديث : «كانت نعله معقّبة» (٤) أي لها عقب ، وجمعه أعقاب. وفي الحديث : «ويل للأعقاب من النار» (٥) وفي رواية «للعراقيب».

قوله : (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ)(٦) أي ذريته ، استعارة من التأخر. وجاء في عقب الشهر ، أي آخره. قوله : (نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ)(٧) رجع مسرعا ، وفيه فائدة ؛ وهو أنّه لسرعة رجوعه لم يمهل أن يولي / وجهه للجهة التي يفرّ إليها ، بل رجع القهقرى. ثم صار

__________________

(١) كلمة عفاء ساقطة من الأصل. النهاية : ٣ / ٢٦٦. ورواية اللسان : «ما كان عفا».

(٢) ٤١ / الرعد : ١٣.

(٣) وفي س : النقيصة.

(٤) النهاية : ٣ / ٢٦٩.

(٥) النهاية : ٣ / ٢٦٩. وفي رواية «للعقب». ولم يذكر ابن الأثير «للعراقيب»

(٦) ٢٨ / الزخرف : ٤٣.

(٧) ٤٨ / الأنفال : ٨.

١٢١

ذلك عن مطلق الرجوع ، وإن لم ينكص على الهيئة المذكورة. وكذا قوله : (عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ)(١) وهو عبارة عن توليهم عن الحقّ وتكذيبهم. ومثله : رجع على حافرته ، و [رجع](٢) عوده على بدئه (وَلَمْ يُعَقِّبْ)(٣) أي لم يرجع بل مرّ لوجهه.

قوله تعالى : (لَهُ مُعَقِّباتٌ)(٤) أي ملائكة يتعاقبون عليه في الحفظ. ومنه الحديث : «يتعاقبون فيكم ملائكة» (٥) وقيل : الضمير لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وليس في ذلك منافاة لقوله : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)(٦) ، لأنّ من جعل الله له ملائكة حفظة فقد عصمه. وعقبه ، أي تلاه نحو دبره وقفاه ، والعاقبة (٧) والعقبى مختصان بالثواب ، والعاقبة تغلب في الثواب إذا أطلقت كقوله تعالى : (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)(٨) فإذا وردت في العقوبة قدّرت ، قال تعالى : (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى)(٩)(فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ)(١٠). وقيل : ذلك استعارة من الضدّ كقوله تعالى : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ)(١١). والعقوبة والعقاب والمعاقبة مختصة بالعذاب كقوله تعالى : (فَحَقَّ عِقابِ)(١٢)(وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا)(١٣) والتّعقيب : أن يأتي بشيء بعد آخر. والتّعاقب : التوارد كاعتقاب الليل والنهار. والعقبة : أن يتعاقب اثنان على ظهر في الركوب. وعقبة الطائر : صعوده وحدوره. ويقال : أعقبه كذا ، أي

__________________

(١) ٦٦ / المؤمنون : ٢٣.

(٢) إضافة المحقق.

(٣) ١٠ / النمل : ٢٧.

(٤) ١١ / الرعد : ١٣.

(٥) صحيح البخاري ، المواقيت : ١٦.

(٦) ٦٧ / المائدة : ٥.

(٧) مكررة في الأصل ، فأسقطناها.

(٨) ١٢٨ / الأعراف : ٧ ، وغيرها.

(٩) ١٠ / الروم : ٣٠.

(١٠) ١٧ / الحشر : ٥٩.

(١١) ٢١ / آل عمران : ٣ ، وغيرها.

(١٢) ١٤ / ص : ٣٨.

(١٣) ١٢٦ / النحل : ١٦.

١٢٢

أورثه إياه ، كقوله تعالى : (فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً)(١) وقال الشاعر (٢) : [من الطويل]

له طائف من جنّة غير معقب

أي لا يعقب الإفاقة. وقولهم : فلان لم يعقب ، أي لم يترك ولدا. وأعقاب الرجل : أولاده. ونقل الراغب عن أهل اللغة (٣) أن الأعقاب لا يدخل فيها أولاد البنت لأنهم لا يتعقّبونه بالنسب. قال : وإذا كان (٤) له ذرية فإنهم يدخلون فيها. قلت : وفيه نظر لقوله : (كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ)(٥) أي نسله وذريته من غير قصد لأولاد الذكور دون البنات.

وامرأة معقاب : تلد مرة ذكرا وأخرى أنثى. وعقبت الرمح : شددته بالعقب نحو عصبته : شددته بالعصب. والعقبة : طريق وعر في الجبل وذلك لتعاقب المشقّة فيها وجمعها عقاب (٦) ، واسم الجنس منها عقب بحذف التاء. والعقاب : معروف ، ويقال : كلّ عقاب أنثى ، سمي عقابا لتعاقب جريه في الصيد. وبه شبّهت في الهيئة الراية (٧) والحجر الذي على حافتي البئر والخيط الذي في القرط. واليعقوب : ذكر الحجل لماله من عقب الجري. ويعقوب : علم لنبيّ معروف قيل : سمي بذلك لأنه ولد عقب أخيه العيص. وقيل : نزلا ملتصقي العقبين ، ومقتضاه أن يكون عربيا ولا يصحّ لعدم صرفه. ويقال : عقب فلان : مكث. وفي الحديث : «من عقب في صلاة فهو في صلاة» (٨) أي من أقام ومكث بعد ما يفرغ من الصلاة في مجلسه. يقال : صلّى القوم وعقب فلان ، أي أقام بعدهم. وسئل أنس عن التّعقيب (٩) فقال : قال ابن راهويه : هو أنه إذا صلّى القوم ثم عادوا. والتّعقيب :

__________________

(١) ٧٧ / التوبة : ٩.

(٢) العجز مذكور في المفردات : ٣٤١. ولعله لامرىء القيس مع اختلاف في الرواية ، قاله يصف فرسا :

ويخضد في الآريّ حتى كأنما

به عرّة من طائف غير معقب

(الديوان : ٥٨. اللسان والتاج ـ مادة عقب).

(٣) المفردات : ٣٤١.

(٤) في الأصل : قال ، وهو وهم.

(٥) ٢٨ / الزخرف : ٤٣.

(٦) وعقب.

(٧) في الأصل : الداية.

(٨) النهاية : ٣ / ٢٦٧. وفي رواية : «في الصلاة».

(٩) يريد : التعقيب في رمضان (النهاية : ٣ / ٢٦٧). وكلام ابن راهويه شرح الكلام أنس ، فلا يظنّ.

١٢٣

أن يعود لعمله الأول ، ومن ذلك التّسبيحات عقب (١) الصلوات لأنهنّ تعود مرة بعد أخرى. ومنه الحديث : «معقّبات لا يخيب قائلهنّ» (٢). قال شمر : أراد تسبيحات تخلف بأعقاب الناس. قال : والمعقّب من كلّ شيء ما خلف بعقب ما قبله.

قوله تعالى : (وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ)(٣) وقرىء فعقبتم مخففا ومشددا (٤) أي فكانت العقبى لكم حتى عمّهم. والمعنى إن ذهبت امرأة منكم إلى من لا عهد بينه وبينكم فأتوا الذين ذهبت أزواجهم مثلما أنفقوا في مهورهنّ. وكذلك إن مضت إلى من بينكم وبينه عهد فنكث في إعطاء المهر فالذي ذهبت زوجه كان يعطى من الغنيمة المهر ولا ينقص شيئا من حقّه يعطى حقّه كاملا بعد مهور النساء. قوله : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا)(٥) قال أبو منصور : سمي الأول عقوبة ، وإنما العقوبة الثانية لازدواج الكلام في الفعل بمعنى واحد. والعقاب والعقوبة لأنهما يكونان بعقب الذنب واكتسابه. قوله تعالى : (وَلا يَخافُ عُقْباها)(٦) أي لا يخاف من يعقّب على عقوبته من يدفعها (٧) ويغيرها وقيل : لم يخف القائل العقبى. وفي الحديث : «لي خمسة أسماء كذا وكذا والعاقب» (٨) أي آخر الأنبياء. وقال ابن الأعرابيّ : العاقب والعقوب : الذي يخلف من كان قبله في الخير قال أبو عبيد : (يقال) : عقب (يعقب عقوبا) (٩) وعقبا : إذا جاء بعد شيء. وفي حديث عمر : «أنه سافر في عقب شهر رمضان» (١٠) قال أبو زيد : يقال : في عقب شهر كذا ،

__________________

(١) وفي ح وم : دبر.

(٢) النهاية : ٢ / ٢٦٧.

(٣) ١١ / الممتحنة : ٦٠.

(٤) قرأها الأعرج بالتشديد ، وقرأها النخعي «فعقبتم» بتخفيف القاف ، كما قرأها مسروق بكسر القاف (مختصر الشواذ : ١٥٥).

(٥) ١٢٦ / النحل : ١٦.

(٦) ١٥ / الشمس : ٩١.

(٧) وفي س : يدافعها.

(٨) العاقب (هنا) : آخر الرسل. وبقية أسمائه ص : «أنا محمد ، وأنا أحمد ، والماحي يمحو الله بي الكفر ، والحاشر أحشر الناس على قدمي ، والعاقب» (اللسان ـ مادة عقب. والعاقب ـ في المحكم ـ آخر الرسل.

(٩) ما بين مقوستين إضافة من النسخة م ، وهي لازمة.

(١٠) النهاية : ٣ / ٢٦٨.

١٢٤

أي قد بقيت منه بقيّة وجاء في عقبه (١) ـ بالضم والسكون ـ أي ذهب الشهر كلّه. وفي الحديث : «كانت رايته العقاب» (٢) قال ابن المظفّر : هو العلم الضخم. وأنشد : [من الوافر]

فراس لا يكون له كفاء

إذا حاد اللفيف على العقاب

وفي حديث إبراهيم : «المتعقّب ضامن لما اعتقب» (٣). اعتقبت الشيء : حبسته ؛ ومعناه أنّ البائع إذا باع شيئا وحبسه عنده عن المشتري فتلف عنده ضمنه. ويقول الرجل لزميله : أعقب ، أي انزل لأركب عقبى. وأنشد (٤) : [من الخفيف]

أعقبي آل هاشم ياميّا

يقول : انزلي عن الخلافة حتى يليها بنو هاشم.

ع ق د :

قوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(٥) أي العهود. قال ابن عرفة : الضّمان والعقود ثلاثة (٦) : فعقد لهم أن يعقدوه إن شاؤوا كالبيع والنكاح ، وعقود الناس التي تجب لبعضهم على بعض. وقيل : بالفرائض التي فرضها وعقدها على عباده. وقيل : هو ما يلتزمه الإنسان كالنذور ، وقال الشاعر (٧) : [من البسيط]

قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم

شدّوا العناج وشدّوا فوقه الكربا

وأصل العقد : الجمع بين أطراف الشيء ، ويستعمل ذلك في الأجسام الصّلبة كعقد الحبل وعقد البناء. ثم يستعمل للمعاني نحو عقد البيع والعهد والنكاح وغيرها. وعقدت

__________________

(١) ويجوز : على عقبه (النهاية).

(٢) النهاية : ٣ / ٢٦٩ ، يعني : اسم رايته.

(٣) النهاية : ٣ / ٢٦٩ ، وهو إبراهيم النخعي.

(٤) البيت لسديف شاعر بني العباس (اللسان ـ مادة عقب).

(٥) ١ / المائدة : ٥.

(٦) ولم يذكر العقد الثالث.

(٧) البيت للحطيئة (في التاج ـ مادة كرب ، وجمهرة اللغة : ٢ / ١٠٤) وفي الأصل : الصياح.

١٢٥

يميني (١) وعاقدتها. وقد قرىء : بما عقدتم (وعاقدتم) الأيمان (٢) أي أكّدتموها ، ولذلك سقط اللغو. وقد ينسب ذلك لنفس اليمين مبالغة كقوله تعالى : (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) (وعاقدتم) (٣).

والعقد : مصدر عقد الشيء يعقده : أكّده وبالكسر : القلادة وغلب في الجواهر النفيسة إذا نظمت. قوله : (وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ)(٤) أي ما التزم وأكّد من التزام كلّ من الزوجين ما يجب عليه / لصاحبه. قوله : (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي)(٥) أي حبسة. قيل : كان به أثر من حرق أصابه فدعا الله بحلّها أي بإزالتها. والظاهر أنّه أراد إطلاق لسانه بما يعبّر به عما في نفسه. قوله : (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ)(٦) أي الساحرات. وكان الساحر يعقد عقدا وينفث في كلّ عقدة من رقاه ما يؤكّد ذلك كأنّه يخيل أنه شيء يعقد عليه ويربط ، ومن ثمّ قيل لها عزيمة. وفي التفسير : «أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعثهم إلى بئر فاستخرجوا منها سحرا سحره به لبيد بن الأعصم اليهوديّ وبناته (٧) إحدى عشرة عقدة في مشط ومشاقة» (٨). وفي القصة طول. (ويروى أنه لما نزلت المعوّذة الأولى صار كلما قرأ آية منها انحلّت عقدة. وناقة عاقدة وعاقد : عقدت للّقاح. وتيس أعقد ، وكلب أعقد : ملتوي الذّنب) (٩). وفي الحديث : «فعدلت عن الطريق فإذا أنا بعقدة من شجر» (١٠) والعقدة : البقعة الكثيرة الشجر. وفي حديث آخر : «من عقد لحيته فإنّ محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم بريء منه» (١١) أي جعّدها. وقيل : كانوا

__________________

(١) في الأصل : عيني.

(٢) ٨٩ / المائدة : ٥.

(٣) ٣٣ / النساء : ٤.

(٤) ٢٣٥ / البقرة : ٢.

(٥) ٢٧ / طه : ٢٠.

(٦) ٤ / الفلق : ١١٣.

(٧) كذا في م ، وفي س : وهي ، وبياض موضع الكلمة في م. والخبر عند البخاري والثعلبي.

(٨) المشاقة : المشاطة ؛ الشعر. وفي البخاري وتفسير الثعلبي : « ... ومشاطة» بالطاء.

(٩) ما بين مقوستين إضافة من م.

(١٠) النهاية : ٣ / ٢٧١.

(١١) النهاية : ٣ / ٢٧٠ ، وفيه : « ... العقد».

١٢٦

يعقدونها في الحروب. وفي حديث أبيّ : «هلك أهل العقدة» (١) يعني الولاة الذين عقدت لهم البيعة. ومنه قولهم : هم أهل الحلّ والعقد.

ع ق ر :

قوله تعالى : (فَعَقَرُوها)(٢) أي نحروها. يقال : عقرت البعير ، وعقرت ظهره : إذا أثّرت فيه بالركوب. وأصل ذلك من : أصبت عقره ، أي أصله ؛ وذلك أنّ عقر الدار والحوض بالضم والفتح (٣) ، ومنه : «ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلّوا» (٤). وقيل للقصر : عقرة. فمعنى عقرته : أصبت عقره ، نحو رأسته : أصبت رأسه. وعقرت النخل : قطعته (٥). وقيل : عقر الحوض بالضمّ ، وعقر الدار بالفتح. وفي الحديث : «إني لبعقر حوضي أذود الناس» (٦). ويقال : الزم عقر دارك.

قوله : (وَامْرَأَتِي عاقِرٌ)(٧) أي لم تلد. ورجل عاقر : لا يولد له ، كأنه من عقره إذا قطع عقره ، أي أصله. ولم يؤنّث ؛ إذ المراد : ذات عقر. والعقر : آخر الولد ، وبيضة العقر كذلك. والعقر أيضا : المهر. ومنه قول الشعبيّ : «ليس على زان عقر» (٨) قاله النّضر. وقال غيره : هو للمغتصبة من الإماء كمهر الحرّة. والعقار : الخمر لكونه كالعاقر للعقل. والمعاقرة (٩) إدمان شربها ؛ وفي الحديث : «لا يدخل الجنة معاقر خمر» (١٠) مأخوذ من عقر الحوض ، وهو مقام الشارب لأنّ شاربها يلازمها ملازمة الإبل عقر الحوض. والعقار ـ بالفتح ـ : متاع البيت ، وقيل : الأرض ، ومنه الحديث : «ذراريّهم وعقار

__________________

(١) النهاية : ٣ / ٢٧٠.

(٢) ٦٥ / هود : ١١ ، وغيرها.

(٣) كذا في م ، وفي الأصل : أصلهما الفتح ، والصواب ما ذكر فوق ، وكذا في النهاية.

(٤) النهاية : ٣ / ٢٧١.

(٥) الكلمة في م وحدها ، وهي لازمة.

(٦) النهاية : ٣ / ٢٧١.

(٧) ٤٠ / آل عمران : ٣.

(٨) النهاية : ٣ / ٢٧٤.

(٩) في الأصل : والعاقر.

(١٠) النهاية : ٣ / ٢٧٤.

١٢٧

بيوتهم» (١) ، قال الحربيّ : أراد أراضيهم. وقال الأزهريّ : متاع بيوتهم والأدوات والأواني. وقال ابن الأعرابيّ : عقار البيت ، وقصده متاعه الذي لا يتبدّل إلا في الأعياد. ويقال : بيت حسن العقار. والعقار ـ بالكسر ـ قيل : الأرض ، وقيل : النخل ويكون مصدر عاقره ، نحو قاتله قتالا. والعقار : الأصل أيضا ؛ يقال بالفتح ـ وهو المشهور ـ والكسر : وهو الكلب العقور وكلّ سبع جارح كالفهد والنمر.

قوله عليه‌السلام : «عقرى حلقى» (٢) أي عقرها الله وأصاب حلقها (٣). وضع هذا في الدعاء عليها ، وليس مرادا في الحديث ، وإنما هو جرى على مذهبهم إذا أعجبوا بالشيء قالوا فيه بلفظ الدعاء عليه نحو : قاتله الله ما أشعره! ومنه : «تربت يداك» (٤) : لصقت بالتراب ، من العقر في أحد القولين. وقال أبو عبيد : صوابه : عقرا حلقا بالتنوين ، لأنّ معناه عقرها عقرا وحلقها حلقا ؛ فهي فعلى من العقر والحلق ، كما بني شكوى من الشّكو (٥).

والعقيرة : الصّوت ، ومنه قولهم : رفع عقيرته. وأصله أن رجلا عقرت (٦) رجله فرفع صوته ، فصار ذلك مستعارا في الصوت. والعقاقير : أخلاط الأدوية ، الواحد عقّار. وفي الحديث : «فأعطاها عقرها» (٧). العقر : ما تعطاه (٨) في وطء الشّبهة ، وأصله في البكر يفتضّها الواطىء فيعقرها. فسمّي ما تعطاه بسبب العقر عقرا. ثم قيل لكلّ وطء وإن كان في ثيّب : عقر. وفي الحديث : «لا عقر في الإسلام» (٩) لأنهم كانوا يعقرون الدوابّ على قبر الميت. ويجوز أن يكون نهيا عمّا كانوا يفعلونه من عرقبة الإبل بدل نحرها للأضياف. فكان قوم حاتم يفصدون إبلهم ويأكلون. وكان حاتم يعرقبها ويقول :

__________________

(١) النهاية : ٣ / ٢٧٤.

(٢) النهاية : ٣ / ٢٧٢ ، قاله لصفية لما قيل له إنها حائض.

(٣) وعند ابن الأثير : ... وأصابها بعقر في جسدها. وظاهره الدعاء عليها وليس بدعاء في الحقيقة.

(٤) النهاية : ١ / ١٨٤.

(٥) وهو كلام الزمخشري.

(٦) في الأصل : رفعت عقيرة.

(٧) كذا في الأصل وم. وفي النهاية (٣ / ٢٧٣): «فأعطاهم».

(٨) يعني المرأة.

(٩) النهاية : ٣ / ٢٧١. ينحرونها ويقولون : إن صاحب القبر كان يعقر للأضياف أيام حياته فنكافئه بمثل صنيعه بعد وفاته.

١٢٨

هكذا فزدي أنه

يعني فصدي أنا. وفي حديث ابن عباس : «لا تأكلوا من تعاقر الأعراب فإني لا آمن أن يكون ممّا أهلّ به لغير الله» (١) وذلك أن يتبارى الرجلان في الجود ، فيعقر هذا ويعقر هذا حتى يعجّز أحدهما. وقالت أمّ سلمة : «إنها قالت لعائشة رضي الله عنها : أسكن الله عقيراك فلا تصحريها» (٢) أي أسكنك الله بيتك وعقارك وسترك فيه فلا تبرزيه. قالت لها ذلك عند خروجها إلى البصرة. ويعبّر بالعقر عن مجرّد القطع ؛ ومنه الحديث : «أنّه أقطع فلانا (٣) ناحية واشترط عليه أن لا يعقر مرعاها».

ع ق ل :

قوله تعالى : (وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ)(٤) أي لا يتدبّرها ويفهم غرضها ويطابق بينها وبين ما ضربت له إلا من اتّصف بالعلم دون الجهلة. وأصل العقل : الحبس ؛ يقال : عقلت البعير أعقله عقلا : قيّدته بما يحبسه عن الانبعاث. وسمي عقل الإنسان لأنه يمنعه ويحبسه عن محذورات. والعقال : ما يعقل به البعير. قال الشاعر (٥) : [من الوافر]

ألا يا حمز للشّرف النّواء

وهنّ معقّلات بالفناء

وسمّى الدية عقلا باسم المصدر لأنّ أولياء المقتول إذا عفوا على الدّية أتوهم بالدية وهي الإبل ، فتعقل بدورهم لئلّا تتقلّب. والعقل الذي هو لبّ الإنسان يقال للقوة المتهيّئة لقبول العلم. ثم يقال للمستفاد بتلك القوة : عقل. ومن ثمّ قال أمير المؤمنين رضي الله عنه (٦) : [من مجزوء الوافر]

رأيت العقل عقلين :

فمطبوع ومصنوع

فلا ينفع مصنوع

إذا لم يك مطبوع

__________________

(١) النهاية : ٣ / ٢٧٢.

(٢) النهاية : ٣ / ٢٧٤. وهو مصغر مشتق من عقر الدار.

(٣) هو حصين بن مشمّت. والمعنى : أن لا يقطع شجرها (النهاية : ٣ / ٢٧٣).

(٤) ٤٣ / العنكبوت : ٢٩.

(٥) حديث علي وحمزة والشّرب. ورد البيت في اللسان (مادة ـ نوى) ، وفي النهاية (٣ / ٢٨١) ورد العجز.

(٦) التصويب من الديوان : ٨٧. والكلمة الأخيرة في البيت الأول حسب الأصل : ومسموع.

١٢٩

كما لا تنفع الشمس

وضوء العين ممنوع

وإلى الأول أشار عليه الصلاة والسّلام بقوله : «ما خلق الله خلقا أكرم عليه من العقل» (١). وإلى الثاني أشار بقوله : «ما كسب أحد شيئا أفضل من عقل يهديه إلى هدى أو يردّه عن ردى». قال بعضهم : وهذا هو المعنيّ بقوله تعالى : (وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ). قيل : وكلّ موضع وصف الله الكفار فيه بعدم العقل فإشارة إلى الثاني دون الأول. وكلّ موضع رفع التكليف فيه عن عباده لعدم العقل فالمراد الأول.

والمعاقل : الحصون لمنعها من فيها. والعقيلة : المرأة الحسناء ، كأنها تعقل من يراها على حسنها. قال امرؤ القيس (٢) : [من الطويل]

عقيلة أتراب لها لا دميمة

ولا ذات خلق إن تأملت جأنب /

وهذا كقول الآخر : [من الكامل]

وحديثها السّحر الحلال لو انّه

لم يسب عقل المسلم المتحرّز

إن طال لم يملل وإن هي أوجزت

ودّ المحدّث أنها لم توجز

شرك العقول وفتنة ما مثلها

للمطمئنّ وعقلة المستوفز

والعقّال : داء يعرض في قوائم الخيل. والعقل أيضا : اصطكاك فيها. واختلف الناس في العقل هل هو عرض أو جوهر؟ وهل محلّه القلب أو الرأس؟ والعاقلة : العصبة التي تعقل عن الجاني غير الأصول والفروع. وقول أبي بكر : «لو منعوني عقالا» (٣) قيل أراد العقال الذي يعقل به البعير مبالغة في ذلك. وقيل : عنى بذلك صدقة عام (٤) ، ومن ذلك : أخذ النقد ولم يأخذ العقال. وفي حديث الدجّال : «ثم يأتي الخصب فيعقّل الكرم» (٥) قال الفراء : معناه أنه يخرج العقّيلى ، وهو الحصرم ، ثم يمجّج أي يطيب.

__________________

(١) انظر كشف الخفاء في وضع الحديث : ٢ / ١٤٨ وتخريجه.

(٢) الديوان : ٥٣. الجأنب : الغليظ القبيح.

(٣) النهاية : ٣ / ٢٨٠. العقال : الحبل.

(٤) يقال : أخذ المصدّق عقال هذا العام ، أي صدقته.

(٥) النهاية : ٣ / ٢٨٢.

١٣٠

وقولهم : اعتقل رمحه ، كأنه جعل بمنزلة عقال له. وفي الحديث : «يتعاقلون بينهم معاقلهم الأولى» (١) أي يكونون على ما كانوا عليه في الجاهلية مما يأخذونه (من الدّيات) (٢) ويعطون ، ومن حديث عمر رضي الله عنه : «إنّا لا نتعاقل المضغ بيننا» (٣) أي لا يأخذ بعضنا من بعض العقل. والمضغ : قطع اللحم. وفي الحديث : «من اعتقل الشاة وأكل مع أهله برىء من الكبر» (٤) هو عبارة عن حلبها بأن يضع رجلها بين ساقه وفخذه (٥).

ع ق م :

قوله تعالى : (عَجُوزٌ عَقِيمٌ)(٦) أي لا تلد ، وهي العاقر كما ذكرت بذلك في موضع آخر. والعقم : منع الولادة ، واستعير ذلك لمنع الخير كقوله : (عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ)(٧) ، أي لم يولد فيه خير ، يعني : لم يوجد. وفي الحديث : «سوداء ولود خير من حسناء عقيم» (٨). ورجل عقيم أيضا أي لا يولد له ، كما يقال عاقر فيهما. قال تعالى : (وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً)(٩) أي لا يلد ولا يولد له. قوله تعالى : (أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ)(١٠) على الاستعارة لأنها لا تأتي بمطر ولا سحاب ضدّ قوله : (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ)(١١) أي ذات حمل. وريح عقيم : يجوز أن تكون بمعنى الفاعل ، أي لا تلقح سحابا ولا شجرا ، أو بمعنى المفعول كالعجوز العقيم.

وأصل العقم : اليبس المانع من قبول الأثر. ومنه : عقمت مفاصله. وداء عقام ـ نحو

__________________

(١) النهاية : ٣ / ٢٧٩ ، من كتاب بين قريش والأنصار.

(٢) ما بين مقوستين إضافة من م.

(٣) النهاية : ٣ / ٢٧٩ ، والحديث لعمر.

(٤) النهاية : ٣ / ٢٨١ ، والحديث لعمر.

(٥) ... ثم يحلبها.

(٦) ٢٩ / الذاريات : ٥١.

(٧) ٥٥ / الحج : ٢٢.

(٨) النهاية : ٣ / ٢٨٢.

(٩) ٥٠ / الشورى : ٤٢.

(١٠) ٤١ / الذاريات : ٥١.

(١١) ٢٢ / الحجر : ١٥.

١٣١

عضال ـ لا يقبل علاجا. ويقال : عقمت المرأة ، مبنيا للمفعول فهي معقومة ، أي لم تلد. وعقمت ـ بزنة ظرفت ـ إذا ساء خلقها فهي عقام وعقيم.

فصل العين والكاف

ع ك ف :

قوله تعالى : (فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ)(١) العكوف : اللّبث والإقامة. وقيل : هو الإقبال على الشيء وملازمته على سبيل التّعظيم. ومنه قوله تعالى : (وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ)(٢) قوله : (لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ)(٣) أي ملازمين للإقامة. يقال : عكف يعكف ويعكف عكوفا ، وقد قرىء بهما. والاعتكاف شرعا : اللّبث في المسجد بشرائط. ومنهم من فرّق بين اعتكف وانعكف ؛ فقال : الأول في الخير ، والثاني في الشرّ.

فصل العين واللام

ع ل ق :

قوله تعالى : (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً)(٤). العلقة : القطعة من الدّم ، وقيّده بعضهم بالجامد. قال : فإذا كان جاريا فهو المسفوح. وسئل بعض الأعراب عن أصعب ما لقي فقال : وقع الزّلق على العلق ، يعني زلقه بدم القتل في المعركة. والعلق : جنس للعلقة نحو تمر وتمرة. وأصل العلق : التّشبّث (٥) بالشيء ؛ يقال : علق به : تعلّق. وعلق الصّيد في

__________________

(١) ١٣٨ / الأعراف : ٧.

(٢) ١٨٧ / البقرة : ٢.

(٣) ٩١ / طه : ٢٠.

(٤) ١٤ / المؤمنون : ٢٣.

(٥) في س : التثبت.

١٣٢

الحبالة : نشب فيها. وأعلق الصائد على الصّيد في حبالته. والمعلاق : ما يعلّق به. وعلاقة السّوط كذلك. والعلقة : ما يتمسّك به من الأكل. وفي الحديث : «تعلق من ثمار الجنة» (١). ومنه الحديث الآخر : «ويجتزىء بالعلقة» (٢). يقال : علق بالفتح ، يعلق ـ بالضم ـ علوقا. وأنشد للكميت (٣) : [من الكامل]

أو فوق طاوية الحشا رمليّة

إن تدن من فنن الألاة تعلّق

ولما نزل قوله تعالى : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ)(٤) قيل : «يا رسول الله فما العلائق بينهم؟» قال : العلائق : المهور ، واحدتها علاقة. قوله تعالى : (فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ)(٥) أي لا ذات بعل ولا أيّما ، من علقت الشيء : إذا رفعته. وفي حديث أمّ زرع : «إن أنطق أطلّق وإن أسكت أعلّق» (٦) أي يجعلني كالمعلّقة (٧). وفي الحديث : «أنّ امرأة جاءت له عليه الصلاة والسّلام بابن لها [قالت :] وقد أعلقت عنه فقال : علام تدغرن أولادكنّ بهذه العلق؟» (٨). الإعلاق : معالجة عذرة الصبيّ ودفعها بالإصبع. والعلق ـ بفتح اللام وضمّها ـ : الدّواهي والمنايا والأشغال. وفي حديث عمر رضي الله عنه : «إنّ الرجل ليغالي بصداق امرأته حتى تكون عداوة في نفسه ، وحتى يقول : قد كلّفت إليك علق القربة» (٩). قال أبو عبيد : علقها عصامها ، أي تكلفت لك كلّ شيء حتى عصام القربة. ويروى : «عرف القربة». ويقال : في هذا الأمر علق وعلاق وعلاقة وعلقة وعلوق ومتعلق بمعنى واحد. وفي

__________________

(١) النهاية : ٣ / ٢٨٩ ، عن أرواح الشهداء.

(٢) النهاية : ٣ / ٢٨٩ ، أي يكتفي بالبلغة من الطعام. وقد أخرجه الزمخشري من صفة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٣) ديوان الكميت : ١ / ٢٥٥ ، اللسان ـ علق.

(٤) ٣٢ / النور : ٢٤. وكان جوابه صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما تراضى عليه أهلوهم» النهاية : ٣ / ٢٨٩).

(٥) ١٢٩ / النساء : ٤.

(٦) النهاية : ٣ / ٢٨٨.

(٧) لا ممسكة ولا مطلّقة.

(٨) النهاية : ٣ / ٢٨٨. وفي النهاية واللسان : « .. أعلقت عليه ..». يعني أعلقت عنه العذرة وهي وجع في الحلق فتعمد المرأة إلى خرقة فتفتلها وتدخلها في أنفه فتطعن الموضع فيتفجر منه دم أسود ، وذلك الطعن يسمى الدّغر (النهاية : ٣ / ١٩٨).

(٩) النهاية : ٣ / ٢٩٠ ، وهذا رواية الهروي. أما ابن الأثير فيروي : « .. عداوة في قلبه ... يقول جشمت إليك». علق القربة : حبلها.

١٣٣

الحديث : «رأيت أبا هريرة وعليه إزار فيه علق وقد خيّطه بالأصطبّة» (١). قال ابن السكيت : العلق الذي يكون في الثوب وغيره. وقال غيره : هو أن يمرّ بالشوكة أو غيرها. فتعلق بالثوب فتخرقه. والأصطبّة : مشاقة الكتان. والعلق : دود يتعلّق بالحلق. والعلق : الشيء النفيس الذي به يتعلّق صاحبه. والعليق : ما يعلّق على الدابّة من القضيم (٢). والعليقة : مركوب يبعثه الإنسان مع غيره فيعلق أمره به. وأنشد (٣) : [من الرجز]

أرسلها عليقة وما علم

أنّ العليقات يلاقين الرّقم

والعلوق : الناقة التي ترأم ولدها فتعلق به (٤). ويقال للمنيّة : علوق. والعلقى : شجر يتعلّق (٥). وعلقت المرأة : حبلت. ورجل معلاق : يتعلّق بخصمه. والتعلّق أيضا : ترتيب شيء على شيء. ومنه تعليق المشروط على شرط.

ع ل م :

قوله تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها)(٦) أي عرّفه إياها. وأصل العلم إدراك الشيء على حقيقته ، وهو معرفة الشيء على ما هو عليه. وقد اختلف الناس فيه : هل يدرك بالحدّ أم لا ، ومن منع تحديده اختلفوا فقال بعضهم : لا يحدّ لعسره ، وآخرون ليسره. وقال بعضهم : العلم ضربان : الأول إدراك ذات الشيء ، والثاني الحكم على الشيء بوجود شيء هو موجود له ، أو نفي شيء هو منفيّ عنه. فالأول يتعدّى لواحد ؛ قال تعالى : (لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ)(٧). والثاني يتعدّى لاثنين كقوله تعالى : (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ)(٨). قوله

__________________

(١) النهاية : ٣ / ٢٩٠. العلق : الخرق. وفي س وم : خيطه بالأمطية.

(٢) في الأصل : القضم.

(٣) الشاهد في اللسان لراجز ، ومذكور في المفردات : ٣٤٣ ، وفيهما : وقد علم.

(٤) يختلف الشرح عند ابن منظور ؛ يقول : «والعلوق من النوق : التي لا ... ترأم الولد .. على الفأل. وقيل : هي التي ترأم بأنفها ولا تدرّ» (مادة ـ علق).

(٥) وفي المفردات : يتعلّق به. وهو شجر تدوم خضرته في القيظ. يجعل بعضهم ألفها للتأنيث ، وبعضهم يجعلها للإلحاق فتنّون (اللسان ـ علق).

(٦) ٣١ / البقرة : ٢.

(٧) ١٠١ / التوبة : ٩.

(٨) ١٠ / الممتحنة : ٦٠.

١٣٤

تعالى : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ) إلى قوله : (لا عِلْمَ لَنا)(١). قال بعضهم : إشارة إلى أنّ علمهم قد تضاءل مع علمه ولذلك عقبوه بقولهم : (إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ)(٢).

والعلم من وجه آخر نوعان : نظريّ وعملي ؛ فالنظريّ ما إذا علم فقد كمل ، نحو العلم بموجودات العالم ، والعمليّ ما لا يتمّ إلا بأن يعمل (٣) كالعلم بالعبادات. ومن وجه آخر ضربان : عقليّ وسمعيّ. والعلم قد يتجّوز به عن الظنّ كقوله تعالى : (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ) لا سبيل إلى القطع بالإيمان الباطن. كما يستعار الظنّ للعلم كقوله تعالى : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ)(٤) وقد تقدّم تحرير ذلك في باب الظنّ. قوله تعالى : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ)(٥) وقد تقدّم تحرير ذلك في باب الظنّ. قوله تعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ)(٦) أمر بالقطع والبتّ. وهو (٧) لم يزل كذلك ، وإنّما هو تعليم لأمّته. ودلّ ذلك على وجوب علم التوحيد وما شاكله من أصول الدين.

وأعلمته وعلّمته ـ بالهمزة والتضعيف ـ : واحد ، إلّا أنّ الاستعمال خصّ الإعلام بإخبار سريع ، والتعليم بما يكون فيه تكرير وتكثير حتى يحصل منه أثر في نفس المتعلم. وقال بعضهم : التعليم : تنبيه النفس لتصوير المعاني ، والتعلّم : تنبيه النفس لتصّور ذلك. وربّما استعمل في معنى الإعلام إذا كان فيه تكثير نحو قوله : (أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ)(٨) وقوله تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) فتعليمه الأسماء هو أن جعل له قوة بها نطق ، ووضع أسماء الأشياء وذلك بإلقائه في روعه ، وكتعليمه الحيوانات كلّ واحد فعلا يتعاطاه وصوتا يتحرّاه. قوله : (وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً)(٩) قيل : عنى به العلم الخاصّ الخفيّ على البشر الذي يرونه ، ما لم يعرّفهم (١٠) ، منكرا بدلالة ما رآه موسى عليه‌السلام منه لمّا تبعه فأنكره بظاهر شريعته حتى عرّفه ، وعلى هذا العلم في قوله : (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ

__________________

(١) ١٠٩ / المائدة : ٥.

(٢) تابع الآية السابقة.

(٣) في ح : يعلم.

(٤) ٤٦ / البقرة : ٢.

(٥) ٤٦ / البقرة : ٢.

(٦) ١٩ / محمد : ٤٧.

(٧) في ح : وقد.

(٨) ١٦ / الحجرات : ٤٩.

(٩) ٦٥ / الكهف : ١٨.

(١٠) يعني الله تعالى.

١٣٥

الْكِتابِ)(١). وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ)(٢) تنبيه منه تبارك وتعالى على تفاوت منازل العلوم وتفاوت أربابها.

قوله : (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ)(٣) إشارة إلى الإنسان الذي فوقه آخر. ويكون تخصيص لفظ العليم الذي هو للمبالغة تنبيها على أنه بالإضافة إلى الأول عليم لما ذكر معه ، وإن لم يكن بالإضافة إلى من فوقه كذلك. قيل : ويجوز أن يكون (عَلِيمٌ) عبارة عن الله تعالى وإن كان لفظه منكّرا إذ كان الموصوف بالعليم هو الله تبارك وتعالى فيكون قوله : (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) إشارة إلى الجماعة بأسرهم لا إلى كلّ واحد بانفراده. وعلى الأول يكون إشارة إلى كلّ واحد بانفراده. قوله تعالى : (عَلَّامُ الْغُيُوبِ) إشارة إلى أنه لا تخفى عليه خافية. قوله : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ)(٤) إشارة إلى أنّ الله تعالى يخصّ به أولياءه. والعالم في وصفه تعالى هو الذي لا يخفى عليه شيء لقوله : (لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ)(٥) وذلك لا يصحّ إلا في وصف الله تعالى.

قوله تعالى : (فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ)(٦) أي الجبال. ويقال لكلّ أثر يعلم به الشيء علم. ومنه الحديث : «تكون الأرض يوم القيامة كقرصة النّقيّ ليس فيها معلم لأحد» (٧). ومعالم الحرم وأعلامه : حدوده ، ومنه : العلم للراية ، شبّه السفن في البحر بالجبال الظاهرة لكلّ أحد ، والواحد علم. وأنشد (٨) :

ربّما أوفيت في علم

ترفعن ثوبي شمالات

__________________

(١) ٤٠ / النمل : ٢٧.

(٢) ١١ / المجادلة : ٥٨.

(٣) ٧٦ / يوسف : ١٢.

(٤) ٢٦ و ٢٧ / الجن : ٧٢.

(٥) ١٨ / الحاقة : ٦٩.

(٦) ٣٢ / الشورى : ٤٢ ، وغيرها.

(٧) النهاية : ٣ / ٢٩٢. المعلم : ما جعل علامة.

(٨) البيت لجذيمة الأبرش (اللسان ـ مادة شمل).

١٣٦

وقرىء شاذا : (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ)(١) بالفتح في الفاء والعين. والعلمة : شقّ الشّفة العليا لكونها أظهر علامة. وفي الشفة السّفلى يقال شرم. ورجل أعلم ورجل أشرم. وكان صاحب الفيل أشرم. وأنشد (٢) : [من الرجز]

والأشرم المغلوب ليس الغالب (٣)

وكلّ جمل أعلم ، ويتجوّز بذلك عن الرجل المشهور فيقال : فلان علم في كذا كقولهم : جبل. ومعالم الطريق والدين ، واحدها معلم. والعلّام : الحنّاء. قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) العالمون ليس جمع عالم بدليل أنّ عالما يطلق على كلّ موجود سوى الله تعالى ، وعالمون لا يطلق إلا على العقلاء ؛ فاستحال أن يكون المفرد أعمّ والجمع أخصّ ، وهذا نظير ما منع سيبويه من جعله أعرابا جمع عرب ، لأنّ عربا يعمّ البدويّ والقرويّ ، والأعراب مخصوص بالبدويين. وقيل : العالم لا يطلق إلا على أولي العلم ومنه اشتقّ. وكأنّ هذا الخلاف مبنيّ على الخلاف في اشتقاقه ممّاذا؟ (٤) فإن قيل إنه مشتقّ من العلامة بمعنى أنّ كلّ موجود دال (على صانعه وموجده ، فلا شكّ أن هذا المعنى موجود) (٥) سوى الله تعالى ، فتطلق على العاقل وغيره من حيوان وجماد. وإن قيل : إنّه مشتقّ من العلم فلا يطلق إلا على ذوي العلم ، قيل : وحينئذ يصحّ جعله جمعا لعالم ، إلا أنّ الأول هو المشهور. ولذلك يروى عن ابن عباس : «إن لله تعالى ألف اسم (٦) ؛ ستّ مئة في البحر وأربع مئة في البرّ». وقال الراغب (٧) : «والعالم : اسم للفلك وما يحويه من الجواهر والأعراض». وهو في الأصل اسم لما يعلم به كالطابع والخاتم لما يطبع به ويختم.

__________________

(١) ٦١ / الزخرف : ٤٣. وهي قراءة أبي هريرة وابن عباس وقتادة والضحاك وجماعة (مختصر الشواذ : ١٣٥).

(٢) الشعر لنفيل بن حبيب الحميري ، وصدره كما في شرح شواهد المفتي (٢ / ٧٠٥) :

أين المفرّ والإله الطالب؟

والأشرم هو أبرهة ، يعني المشقوق الشفة السفلى.

(٣) وفي الأصل : ليس غالبا ، والتصويب من السيوطي.

(٤) يريد : من ما ذا؟

(٥) ساقط من ح ، ومذكور في س وم.

(٦) وفي م : علم.

(٧) المفردات : ٣٤٤.

١٣٧

وجعل بناؤه على هذه الصيغة لكونه كالآلة. فالعالم آلة في الدّلالة على صانعه. ولهذا أحالنا تعالى على ذلك في معرفة وحدانيته فقال : (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(١). وأمّا جمعه فلأنّ كلّ نوع من هذه قد يسمى عالما ؛ فيقال : عالم الإنسان ، وعالم الماء ، وعالم النار. وأيضا فقد روي «أنّ لله تعالى بضعة عشر عالما وألف عالم».

وأمّا جمعه جمع السلامة فلكون الناس في جملتهم. والإنسان إذا شارك غيره في اللفظ غلب حكمه. وقيل ؛ إنّما جمع هذا الجمع لأنه عنى به أصناف الخلائق من الملائكة والجنّ والإنس دون غيرها ، وقد روي هذا عن ابن عباس. وقال جعفر بن محمد الصادق : عني به الناس ، وجعل لكلّ واحد منهم عالما. وقال : العالم عالمان : الكبير وهو الفلك بما فيه. والصغير (٢) وهو الإنسان لأنه مخلوق على هيئة العالم ؛ فقد أوجد الله تعالى فيه كلّ ما في العالم الكبير ، انتهى. وقال الهرويّ : العالمون المخاطبون هم الجنّ والإنس ، ولا واحد له من لفظه. والعالمون : أصناف الخلق كلّهم ، الواحد عالم. ويقال : دهر عالم. وأنشد لجرير بن الخطفى (٣) : [من الوافر]

تنصّفه البريّة وهو سام

ويضحي العالمون له عيالا

ثم إنّ المفسرين خصّوا كلّ موضع بما يليق به ممّا يطلق عليه أصناف العالم. فقالوا. في قوله تعالى : / (أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ)(٤) أي عن أن تضيف أحدا. وفي قوله تعالى : (لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً)(٥) ؛ الجنّ والإنس لأنّه لم يكن نذيرا للبهائم. قوله : (أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ)(٦) أي مصاحبا لعلمه. والمعنى : أنزل القرآن الذي فيه علمه. قوله : (وَلِيَعْلَمَ اللهُ)(٧) يعني علم المشاهدة الذي يوجب العقوبة ، وذلك أن علم الغيب لا يوجب

__________________

(١) ١٨٥ / الأعراف : ٧.

(٢) في الأصل : من الصغير.

(٣) الديوان : ٤١٣ ، وفيه : ويمسي العالمون.

(٤) ٧٠ / الحجر : ١٥.

(٥) ١ / الفرقان : ٢٥.

(٦) ١٦٦ / النساء : ٤.

(٧) ٢٥ / الحديد : ٥٧.

١٣٨

ذلك) (١). قوله : (إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي)(٢) أي شرف وفضل ، يوجب لي ما خوّلته.

قوله : (وَما تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ)(٣) أي عن علم أنّ الفرقة ضلالة ولكنّهم فعلوه بغيا. قوله : (وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ)(٤) ، يعني من الله ، أي على ما سبق في علمه. وقيل : على علم من الضالّ. جعل علمه سبب فتنته وضلاله. قوله : (وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ)(٥) قال ابن عيينة : لذو علم. دلّ على صحة ذلك قول ابن مسعود : العلم خشية. قلت : ويدلّ عليه أيضا قوله تعالى : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ)(٦) وقرىء برفع الجلالة ونصب العلماء ، بمعنى يوقّر ويعظّم ، سمّاه خشية مجازا (٧). وعن الشعبيّ أنه قيل له : أفتني أيّها العالم. فقال : العالم من خشي الله ، يشير إلى الآية. قوله : (فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ)(٨) هي عشر ذي الحجة الأول ، والمعدودات أيام التشريق. نقل ذلك أكثر أهل علم التفسير (٩) منهم أبو عبيد. قوله : (وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ)(١٠) أي يعلّمانهم السّحر ويأمران باجتنابه.

قوله : (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ)(١١) أي علم الكتابة. قوله : (تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ)(١٢) أي لو علمتم الشيء حقّ علمه لارتدعتم. وقال أهل الحقيقة : الأشياء رتب ثلاث : علم اليقين ، وحقّ اليقين ، وعين اليقين ، وأعلاها هذا ، وأدناها الأول. قوله : (وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ)(١٣) أي عالمي زمانهم ، وقيل : أراد فضلاء زمانهم الذي يجري كلّ واحد

__________________

(١) ما بين المقوستين ساقط من س.

(٢) ٧٨ / القصص : ٢٨.

(٣) ١٤ / الشورى : ٤٢.

(٤) ٢٣ / الجاثية : ٤٥.

(٥) ٦٨ / يوسف : ١٢.

(٦) ٢٨ / فاطر : ٣٥.

(٧) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣٦٨.

(٨) ٢٨ / الحج : ٢٢.

(٩) بياض في الأصل. وأضفناها من م.

(١٠) ١٠٢ / البقرة : ٢.

(١١) ٤ / العلق : ٩٦.

(١٢) ٥ / التكاثر : ١٠٢.

(١٣) ٤٧ / البقرة : ٢.

١٣٩

منهم مجرى عالم بما أعطاهم ومكّنهم. وتسميته بذلك كتسمية إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه «أمّة» لأنه يقوم مقامهم.

ع ل ن :

قوله تعالى : (ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ)(١) أي أظهرت. يقال : أعلن يعلن إعلانا. والإعلان يقابل الإسرار ؛ قال تعالى : (سِرًّا وَعَلانِيَةً)(٢). وأكثر ما يقال ذلك في المعاني دون الأعيان يقال : أعلنته فعلن ، ومنه علوان الكتاب ، لأنه يعرف به مدلوله ، وهل هو من العلن اعتبارا بظهور المعنى فيه لا بظهور ذاته. وفيه لغة : العنوان ، فكأنّ اللام والنون متعاقبان نحو أصيلان وأصيلال. يقال : عنونت الكتاب وعلونته عنونة : إذا جعلت عليه علامة يعرف بها من قصد به ، قيل : فهم معناه.

ع ل و :

قوله تعالى : (الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ)(٣). المتعال : صفة لله تعالى بمعنى (٤) علوّ أمره وصفاته لا باعتبار مكان تعالى عن ذلك. وكذا قوله : (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً)(٥). والعلوّ ضدّ السفل منسوب إليهما (٦). والعلوّ : الارتفاع ، وقد علا يعلو علوا ، وعلي يعلى علا : ارتفع ، فهو عليّ. قال بعضهم : علا بالفتح أكثر ما يقال في الأمكنة والأجسام. قوله : (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)(٧) هو الرفيع القدر من علي يعلى. قيل : معناه أنه يعلو أن يحيط به وصف الواصفين بل علم العارفين ، وعليه قوله تعالى (٨) : (تَعالَى اللهُ عَمَّا

__________________

(١) ٩ / نوح : ٧١.

(٢) ٢٧٤ / البقرة : ٢ ، وغيرها.

(٣) ٩ / الرعد : ١٣.

(٤) ساقطة من ح.

(٥) ٤٣ / الإسراء : ١٧.

(٦) يعني : علويّ وسفليّ.

(٧) ٢٥٥ / البقرة : ٢ ، وغيرها.

(٨) في الأصل : قوله تعالى سبحانه وتعالى ، فأسقطناها.

١٤٠